الإنسان اجتماعي بطبعه لا يستطيع العيش منفردا بعيدا عن غيره لذا تجده يجالسه ويتحدث اليه سواء كان هذا من الأهل أو الأحباب أو الأصدقاء أو غيرهم يأنس بهم ويأنسون به ولكن بعض الأفراد يجتمعون للإساءة لغيرهم والنيل من أعراضهم في اجتماعاتهم.. وهي محرمة في الكتاب والسنة قال صلى الله عليه وسلم : المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه..
إنها آفة خطيرة ومن كبائر الذنوب التي نهى عنها الحق سبحانه فتراهم يسيئون بالكلام وربما بالفعل أيضا للآخرين بذكر عيوبهم وتمثيلها أو بالقيل والقال كقول أحدهم قال فلان عليك كذا وكذا أو قال على فلان كذا وكذا وغيرها من الصفات التي لا يقبلها لا دين ولا اخلاق .. فينذر الحق سبحانه وتعالى ورسوله الكريم المسلمين من عقابها يوم القيامة وذلك لما لها من آثار سلبية على الفرد ثم على المجتمع وعلى الحياة جمعاء فهي تزرع البغضاء والحقد بين الناس .
و الصفات الرذيلة كثيرة في مجتمعاتنا تنتشر مثل السرطان عندما يصيب موضعا في الجسم ينتشر بسرعة في سائره إذا لم يحارب بالدواء ليوقفه وليشفى منه هكذا هي هذه الصفات تبدأ بالشخص نفسه ثم تنتشر بين الأفراد ثم الجماعات فتصل الى سائر المجتمع لذا وجب مواجهتها والتصدي لها لإيقاف زحفها وتقضي على حياتنا و علاقاتنا الإنسانية ومن بين هذه الصفات الخبيثة الغيبة والنميمة .
فماهي الغيبة ؟؟
والغيبة ايها القارئ هي ذكر صاحبك بما يكره سواء كان فيه أو لم يكن فيه في غيبته وهي من كبائر الذنوب التي نهى عز وجل عن اقترافها قال تعالى : "لا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه"(سورة الحجرات12) ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإن من يتبع عوراتهم يتبع الله عورته ومن يتتبع الله عورته يفضحه في بيته) وقال صلى الله عليه وسلم أيضا: (لما عُرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم)،إذن انظروا إلى بشاعة المعصية والعقاب الذي تنتهي به وذلك لهؤلاء وذلك لإساءة هؤلاء للآخرين والنيل من أعراضهم ،
ولهذه المعضلة أسباب تدعو الفرد للوقوع فيها منها: الغضب فهو يجعل صاحبه لا يعي ما يفعل بفقده توازنه ويبدأ بذكر عيوب الغاضب منه في غيبته ليطفئ نار غضبه فتراه يذكر جميع نقاط ضعفه لفضحه بها أمام الآخرين لذا فإن الله سبحانه يحث على كظم الغيظ وثني على صاحبه قال تعالى : "والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ".. واعتبر كظم الغضب من صفات المؤمن قال تعالى : "إذا ما غضبوا يغفرون" صدق الله العظيم ، كما أن من أسباب الغيبة أيضا الشعور بالفراغ بحيث أن الشخص لا يجد ما يفعله ويشغله سوى ذكر عيوب الآخرين لسد فراغه والتسلية بها مع عدم نسيانه عيوبه التي ربما قد تكون أكبر ، وقد يكون الغرض منها إرضاء ومجاملة الجليس بتمثيل الغائب بما يكره والحط من قدره مع ظنه أنه بعمله هذا سيكبر في أعين جليسه.
تعريف النميمة
النميمة (القيل والقال ) أي نقل الكلام من شخص لآخر قصد الإفساد بينهما وهي من أشد وأخطر المعاصي التي نهى عنها الحق سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم فقال عليه صلاة والسلام وتجدون شر الناس ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه، ويأتي هؤلاء بوجه) وهي داء جد فتاك وخبيث ومن الأسباب التي توجب عذاب القبر فقد روى ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال: ( إنهما يعذبان وما يعذبان في كبير ثم قال بلى كان أحدهما لا يستتر من بوله وكان الآخر يمشي بالنميمة)(متفق عليه) كما أن صاحبه يحرم من الدخول الجنة لذا فقد حذر ونهى الله ورسوله من الوقوع في هذه الموبقة وذكر عقابها انه يماثل عقاب الكافر فقال تعالى : (لا يدخل الجنة نمام) فكانت بهذا من كبائر الذنوب لأنها تسبب القطيعة بين الأحبة وتزرع البغضاء والكره والعداوة بين الناس ولقد أمرنا الله سبحانه بعدم الانسياق للنمام فقال تعالى : "ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم مناع للخير معتد أثيم " (سورة القلم ) ونهى أيضا عن تصديق قوله وصرح بفسقه حيث قال : "يا أيها الذين آمنوا ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين". .
فكثيرا من الأحيان يجمع النمام بين الغيبة والنميمة فكل غرضه سعى الإفساد والغدر والخيانة بالآخرين الذين وضعوا ثقتهم فيه . ومما يدفع الفرد أو الجماعة لاقتراف هذا الذنب الكبير جهل البعض بحرمتها وأنها من كبائر وأعظم الذنوب التي توصل صاحبها إلى أسفل السافلين وأعظم العقاب فهل هناك ابشع من عقاب عدم السماح بالدخول إلى الجنة ؟ كما قد يكون سببها الغل والحسد أو تصنع النمام بمعرفة الأسرار فيقع فيما لا تحمد عقباه والعياذ بالله ...
ومن اثارها ايضا :
سرعان ما يحط الناس من قدر مقترفها فيسقط في أعينهم فيصبح معروفا بعلته فيتركونه وحيدا لا صديق ولا أنيس ولا جليس ..لذا أخي القارئ إياك والنميمة لما لها من عواقب وخيمة في الدنيا والآخرة وإياك والغيبة وعليك عزيزي بإمساك لسانك فلسانك حصانك ان صنته صانك وإن خنته خانك ولا تذكر به عورة امرئ فكلنا عورات وإذا أردت أن تقول شيئا فقل خيرا أو أصمت وابتعد عن مجالس الغيبة والنميمة لان بابتعادك عنها سوف تشتري دنياك وآخرتك كما ان الابتعاد عنها من مكارم الأخلاق التي دعا لها ديننا الحنيف قال تعالى : "وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فاعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين ).. كما وجب عليك أن تذكر نفسك دائما بعيوبك لكي تنسى عيوب الآخرين.. وأخيرا وفقنا الله وإياكم أعزائي القراء إلى مكارم الأخلاق وأبعدنا جميعا عن مساوئه وجزانا وإياكم بعظيم الثواب إنه سميع الدعاء والسلام عليكم
2
إلى من يغتاب الناس
:
يا من تغتاب الناس هل تعلم:
1- انك متعرض لسخط الله
2-إن حكم من يرمى فتاة أو امرأة محصنة غافلة في الحكم الإسلامي إن شهد عليه رجلين أو رجل وامرأتان هو الجلد ثمانون جلدة
فلو رميت امرأة ما وتحدثت عنها بسوء فالعقاب هو الجلد ثمانون جلدة
حقا فهذا هو العقاب في الدنيا وان لم تنل هذا العقاب في الدنيا سيكون العقاب أشد و أعظم في الآخرة فالله جعل لنا العقاب في الدنيا حتى يغفر لنا في الآخرة فما بالك وأنت لم تنل هذا الجزاء في الدنيا فماذا تتوقع جزائك في الآخرة بما سيكون !!
3-هل تعلم يا من تغتاب الناس إن العيب الذي اغتبت به أخاك يوجد من يغتابك آنت به فمثلا لو قلت فلانة معدومة الأدب والأخلاق فأعلم انه يوجد من يقول عنك انك أيضا انك معدوم الأدب والأخلاق
فاعمل ما شئت كما تدين تدان والعكس صحيح فلو قلت إن فلان هذا طيب وحتى إن لم تكن طيبة القلب فيه فستجد من يقول هذه الكلمة انك طيب وهذا في غيابك
هل تعلم أيضا أن حسناتك تنقل إلى من اغتبته.4-
وهل تعلم انك ستقف بين يد رب العالمين فيقول :
أين أصحاب المظالم ؟
فتأتى يا من سببت واغتبت
فيقول لك الله: هل اغتبت هذا؟
فتقول : نعم يا رب
"وذلك يوم تشهد عليهم ألسنتهم و أيديهم و أرجلهم بما كانوا يعملون "
فإذا فرغ من ذلك فيؤخذ من حسناتك لتعطى إلى حسنات من اغتبته
قال بن مبارك في هذا:
لو كنت مغتابا لأحد لاغتبت والداي لأنهما أحق بحسناتي.
ومن هذا قال الشيخ محمد متولي الشعراوى رحمه الله:
(إذا أردت أن تسب أو تغتاب أحد فسب وأغتاب والديك فهما أولى الناس بحسناتك).
ويا من تذكر عيوب الناس تذكر عيوبك وانشغل بها عن الناس فستجدها اعظم واكثر ممن تعيبهم
فعن أحد الحكماء قال لولده:
يا بنى لا تنم ولا تسخر ولا تستهزئ بأحد فعسى أن يكن خير منك
يا بنى إياك والظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة
يا بنى لا تشغل نفسك بعيوب الآخرين وعليك بعيوب نفسك
يا بنى احفظ لسانك من الكذب والغيبة والنميمة والبهتان والسب واللعن واجعل مكان ذلك تسبيحا وتهليلا وتكبيرا وحمدا وثناء
من أقوال السلف في الغيبة:
عن عمرو بن العاص مر مع أصحابه على بغل ميت قد انتفخ فقال والله لأن يأكل أحدكم من هذا حتى يملأ بطنه خير من أن يأكل لحم المسلم
الغيبة تحبط العمل
:
و عن على بن حسين قال إياك والغيبة فإنها أدام كلاب الناس
:
لا يذكر الناس بما يكرهون إلا سفلة لا دين لهم ,وعن ابى عاصم النبيل
إياك والغيبة فيهلك دينك
,وقال سفيان الثورى
:
الغيبة أشد من الدين . الدين يقضى والغيبة لا تقضى ,عن سفيان بن عيينة
وعن عبد الرحمن بن عوف قال: من سمع بفاحشة فافشاها فهو بمثل من أتاها
حكم الغيبة
الغيبة والنميمة من الكبائر شرعا:
وعاقبتها وخيمة في الآخرة وأيضا المستمع شريك القائل
وليس لها كفارة إلا التوبة النصوح ورد المظالم
فلا تصح التوبة منها إلا بأربعة شروط وهى :
الإقلاع عنها في الحال
الندم على ما مضى
العزم على آلا يعود
طلب الصفح ممن اغتبته وان لم تستطع فعليك ان تتحدث عنه بالحسن بقدر ما تحدثت عنه بالسوءو اكثرمن الدعاء والاستغفار له
واعلم ان الله يغفر للانسان مافرط فيه من حقه سبحانه وتعالى ولكن لا يغفر ابدا فيما فرطه الانسان من حق اخيه الانسان
أدلة تحريم الغيبة في الكتاب
قال الله تعالى:
*"ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان"
*"يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه"
*والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا"
*ويل لكل همزة لمزة" ..........*هماز مشاء بنميم"
وقال الله عن أهل النار انهم قالوا وكنا نخوض مع الخائضين":
وقال أيضا عن صفات المؤمنين و الذين هم عن اللغو معرضون"
وقال أيضا
*"
وإذا سمعوا اللغو اعرضوا عنه"
فقد قال إن من صفات المؤمنين انهم عن سماع الغيبة يعرضون ويردون عن عرض إخوانهم فالمستمع شريك القائل:وقال رسول الله من رد عن عرض أخيه رد الله النار عن وجهه يوم القيامة
وقال سبحانه وتعالى أيضا
*" لا تقف ما ليس به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا "
أدلة التحريم في السنة
أن رسول الله قال من آكل لحم أخيه في الدنيا قرب إليه يوم القيامة فيقال له كله ميتا كما أكلته حيا فيأكل فيكلح ويصيح
وفى الصحيح قال رسول الله لا يدخل الجنة قتات والقتات هو النمام:
وعن سعيد بن يزيد إن رسول الله قال إن من أربى الربا الاستطالة في عرض المسلم
وعن بن المنذر أن النبي حرم الغيبة وقرن تحريمها بحرمة الدماء والأموال وحرمة البيت الحرام
:
من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه اضمن له الجنةان النبى قالوعن سهل بن سعد
وعن أبى هريرة قال رسول الله إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين بها في نار جهنم
وفى الصحيح قال رسول الله أن يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم
-
شراركم أيها الناس المشائون بالنميمة ,وقال ايضا
وعن انس قال صلى الله عليه وسلم لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم فقلت من هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم: قال هؤلاءيا جبريل
الذي يكذب الكذبة تعذب روحه بكلوب حديد يدخل في شدقه حتى يبلغ قفاه ,وقال رسول الله
والذي نام عن صلاة مكتوبة يشدح رأسه بصخرة والزناة يعذبون في ثقب مثل التنور ضيق أعلاه و أسفله واسع توقد من تحته النار ويعذب في القبر من كان يمشى بين الناس بالنميمة
وعن أبى بكر أن الرسول مر على قبرين فقال انهما يعذبان في قبرهما فالأول كان لا يستتر من بولته والآخر كان يمشى بين الناس بالنميمة
*-: حسبك من صفية كذا وكذا........... ,وعن عائشة رضى الله عنها قالت قلت للنبى أي إنها قصيرة
لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته : فقال لها غاضبا
وقال صلى الله عليه وسلم لا تغتابوا الناس ولا تتبعوا عوراتهم فمن يغتاب المسلمين يفضحه الله وهو في قعر بيته
-وقال أيضا يأتي أناس يوم القيامة بجبل تهامة حسنات فيكون سب هذا ولعن هذا واغتاب هذا ونم في هذا فينكب على وجهه في النار
أي أن هذا الجبل المملوء بالحسنات و الذي يعادل جبل تهامة في حجمه سينكب وينقلب على وجه صاحبه المغتاب في النار
وقال رسول الله ايضا إن اللسان آفة عظيمة من استغلها استغلالا عظيما كانت له أجرا يوم القيامة ومن جلس يأكل في لحم هذا وينهش في عرض هذا كانت له وبالا و خسارا يوم لا ينفع مال ولا بنون
نصيحة
عندما ترى صديقك المقرب وهو يغتاب الغير امامك فثق تمام الثقة انه يغتابك انت ايضا
فكما يفعله مع الغير فى غيابهم تأكد انه يفعله معك فى غيابك
فلا تظن او تعتقد ابدا انه صديق مخلص بل هو منافق مباهت
ما يباح في الغيبة
التظلم: فيجوز للمظلوم أن يتظلم عند القاضي ويقول ظلمني فلان
دعاء
ربنا لا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا